كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: {§أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا} [المائدة: 114] قَالَ: الَّذِينَ هُمْ أَحْيَاءُ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، {وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْهُمْ
حَدَّثَنِي الْحَرْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: {§تَكُونُ لَنَا عِيدًا} [المائدة: 114] قَالُوا: نُصَلِّي فِيهِ، نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: نَأْكُلُ مِنْهَا جَمِيعًا
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «§أَكَلَ مِنْهَا يَعْنِي مِنَ الْمَائِدَةِ حِينَ وُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: {عِيدًا} [المائدة: 114] : عَائِدَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا حُجَّةً وَبُرْهَانًا وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: تَكُونُ لَنَا عِيدًا، نَعْبُدُ رَبَّنَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَنْزِلُ فِيهِ وَنُصَلِّي لَهُ فِيهِ، كَمَا يُعَيِّدُ النَّاسُ فِي أَعْيَادِهِمْ. لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ الْمُسْتَعْمَلِ بَيْنَهُمْ فِي الْعِيدِ مَا ذَكَرْنَا دُونَ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: عَائِدَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَتَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ مَنْ خُوطِبَ بِهِ -[125]- أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهِهِ إِلَى الْمَجْهُولِ مِنْهُ مَا وُجِدَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] ، فَإِنَّ الْأُولَى مِنْ تَأْوِيلِهِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَأْوِيلُهُ لِلْأَحْيَاءِ مِنَّا الْيَوْمَ وَمَنْ يَجِيءُ بَعْدَنَا مِنَّا لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا} [المائدة: 114] ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ مَعْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَآيَةً مِنْكَ} [المائدة: 114] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَعَلَامَةً وَحُجَّةً مِنْكَ يَا رَبِّ عَلَى عِبَادِكَ فِي وَحْدَانِيَّتِكَ، وَفِي صِدْقِي عَلَى أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِمْ بِمَا أَرْسَلْتَنِي بِهِ. {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة: 114] : وَأَعْطِنَا مِنْ عَطَائِكَ، فَإِنَّكَ يَا رَبِّ خَيْرُ مَنْ يُعْطِي، وَأَجْوَدُ مَنْ تَفَضَّلَ، لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَطَاءَهُ مَنٌّ وَلَا نَكَدٌ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَائِدَةِ، هَلْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ وَمَا كَانَتْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ وَكَانَتْ حُوتًا وَطَعَامًا، فَأَكَلَ الْقَوْمُ مِنْهَا، وَلَكِنَّهَا رُفِعَتْ بَعْدَمَا نَزَلَتْ بِأَحْدَاثٍ مِنْهُمْ أَحْدَثُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
الصفحة 124