كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ، وَاحْذَرُوا أَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ بِإِعْجَابِكُمْ كَثْرَةَ الْخَبِيثِ، فَتَصِيرُوا مِنْهُمْ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ يَعْنِي بِذَلِكَ: أَهْلَ الْعُقُولِ وَالْحِجَا، الَّذِينَ عَقَلُوا عَنِ اللَّهِ آيَاتِهِ، وَعَرَفُوا مَوَاقِعَ حُجَجِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يَقُولُ: اتَّقُوا اللَّهَ لِتُفْلِحُوا: أَيْ كَيْ تَنْجَحُوا فِي طَلَبَتِكُمْ مَا عِنْدَهُ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ذِكْرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ مَسَائِلَ كَانَ يَسْأَلُهَا إِيَّاهُ أَقْوَامٌ، امْتِحَانًا لَهُ أَحْيَانًا، وَاسْتِهْزَاءً أَحْيَانًا، فَيَقُولُ لَهُ بَعْضُهُمْ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ لَهُ بَعْضُهُمْ إِذَا ضَلَّتْ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَقَالَ لَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَسْأَلَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ إِيَّاهُ مَنْ أَبُوهُ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ يَقُولُ: «إِنْ أَبْدَيْنَا لَكُمْ حَقِيقَةَ مَا تَسْأَلُونَ عَنْهُ سَاءَكُمْ إِبْدَاؤُهَا وَإِظْهَارُهَا» . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الصفحة 13