كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} [الأنعام: 16] اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ} [الأنعام: 16] بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ الْعَذَابُ يَوْمَئِذٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: مَنْ يَصْرِفِ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ يَوْمَئِذٍ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ: (يَصْرِفْ عَنْهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: {فَقَدْ رَحِمَهُ} [الأنعام: 16] عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِ بِتَسْمِيَةِ فَاعِلِهِ. وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي قَوْلِهِ: {مَنْ يُصْرَفْ} [الأنعام: 16] عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، كَانَ الْوَجْهُ فِي قَوْلِهِ: {فَقَدْ رَحِمَهُ} [الأنعام: 16] أَنْ يُقَالَ: (فَقَدْ رُحِمَ) غَيْرُ مُسَمًّى فَاعِلُهُ، وَفِي تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ فِي قَوْلِهِ: {فَقَدْ رَحِمَهُ} [الأنعام: 16] دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (مَنْ يَصْرِفُ عَنْهُ) .

الصفحة 178