كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

مَحْذُوفًا مِنْهُ فَكَأَنَّهُ فِيهِ لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَاهُ. {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ} [الأنعام: 22] يَقُولُ: ثُمَّ نَقُولُ إِذَا حَشَرْنَا هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بِادِّعَائِهِمْ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ شَرِيكًا، وَالْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ وَرُسُلِهِ، فَجَمَعْنَا جَمِيعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] أَنَّهُمْ لَكُمْ آلِهَةٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ، افْتِرَاءً وَكَذِبًا، وَتَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِهِ أَرْبَابًا، فَأْتُوا بِهِمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ إِذْ قُلْنَا لَهُمْ: أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ إِجَابَةً مِنْهُمْ لَنَا عَنْ سُؤَالِنَا إِيَّاهُمْ ذَلِكَ إِذْ فَتَنَّاهُمْ فَاخْتَبَرْنَاهُمْ، {إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] كَذِبًا مِنْهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ عَلَى قِيلِهِمْ ذَلِكَ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتَهُمْ) بِالنَّصْبِ، بِمَعْنَى: لَمْ يَكُنْ اخْتِبَارُنَا لَهُمْ إِلَّا قِيلَهُمْ {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يَقْرَأُونَ {تَكُنْ} [آل عمران: 60] بِالتَّاءِ عَلَى التَّأْنِيثِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْقَوْلِ لَا لِلْفِتْنَةِ لِمُجَاوَرَتِهِ الْفِتْنَةَ وَهِيَ خَبَرٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ شَاذٌّ غَيْرُ فَصِيحٍ فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ رُوِيَ بَيْتٌ لِلَبِيدٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
[البحر الكامل]

الصفحة 189