كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)
وَقَوْلُهُ: {فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} [الأنعام: 139] ، فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الرِّجَالَ وَأَزْوَاجَهُمْ شُرَكَاءُ فِي أَكْلِهِ لَا يُحَرِّمُونَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، كَمَا ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ قَبْلُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} [الأنعام: 139] قَالَ: " §تَأْكُلُ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ، إِنْ كَانَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ، وَقَالُوا: إِنْ شِئْنَا جَعَلْنَا لِلْبَنَاتِ فِيهِ نَصِيبًا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَجْعَلْ " وَظَاهِرُ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ مَا تَأَوَّلَهُ ابْنُ زَيْدٍ، لِأَنَّ ظَاهِرَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا فِي بُطُونِهَا مَيْتَةً فَنَحْنُ فِيهِ شُرَكَاءُ بِغَيْرِ شَرْطِ مَشِيئَةٍ. وَقَدْ زَعَمَ ابْنُ زَيْدٍ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَتِهِمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: 139] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: سَيَجْزِي: أَيْ سَيُثِيبُ وَيُكَافِئُ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَيْهِ الْكَذِبَ فِي تَحْرِيمِهِمْ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ، وَتَحْلِيلِهِمْ مَا لَمْ يُحَلِّلْهُ اللَّهُ، وَإِضَافَتِهِمْ كَذِبَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: {وَصْفَهُمْ} [الأنعام: 139] يَعْنِي بِوَصْفِهِمُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} [النحل: 62] ، وَالْوَصْفُ وَالصِّفَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاحِدٌ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ مِثْلُ الْوَزْنِ وَالزِّنَةِ. -[590]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى (الْوَصْفِ) قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 589