كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَا يُجْحِفُ بِكُمْ، إِذْ كَانَ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ أَمْرًا مِنَ اللَّهِ بِإِيتَاءِ الْوَاجِبِ فِيهِ أَهْلَهُ يَوْمَ حَصَادِهِ، فَإِنَّ الْآيَةَ قَدْ كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبٍ خَاصٍّ مِنَ الْأُمُورِ وَالْحُكْمُ بِهَا عَلَى الْعَامِّ، بَلْ عَامَّةُ آيِ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ مَعْنَى الْإِسْرَافِ أَنَّهُ عَلَى مَا قُلْنَا، قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر البسيط]
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ ... مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
يَعْنِي بِالسَّرَفِ: الْخَطَأَ فِي الْعَطِيَّةِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأنعام: 142] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا، مَعَ مَا أَنْشَأَ مِنَ الْجَنَّاتِ الْمَعْرُوشَاتِ وَغَيْرِ الْمَعْرُوشَاتِ. وَالْحَمُولَةُ: مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَالْفَرْشُ: صِغَارُ الْإِبِلِ الَّتِي لَمْ تُدْرِكْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْحَمُولَةُ: مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مِنْ كِبَارِ الْإِبِلِ وَمَسَانِّهَا، وَالْفَرْشُ: صِغَارُهَا الَّتِي لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِصِغَرِهَا

الصفحة 618