كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)
يَكُونَ فِسْقًا، يَعْنِي بِذَلِكَ: أَوْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَذْبُوحًا ذَبَحَهُ ذَابِحٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لِصَنَمِهِ وَآلِهَتِهِ فَذَكَرَ عَلَيْهِ اسْمَ وَثَنِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الذَّبْحَ فِسْقٌ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ، وَنَهَى مَنْ آمَنَ بِهِ عَنْ أَكْلِ مَا ذُبِحَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ. وَهَذَا إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَادَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ وَأَصْحَابَهُ فِي تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ بِمَا جَادَلُوهُمْ بِهِ أَنَّ الَّذِيَ جَادَلُوهُمْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْحَرَامُ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَأَنَّ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ حَلَالٌ قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَأَنَّهُمْ كُذُبَةٌ فِي إِضَافَتِهِمْ تَحْرِيمَهُ إِلَى اللَّهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] قَالَ: " §كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ وَيُحِلُّونَ أَشْيَاءَ، فَقَالَ: قُلْ لَا أَجِدُ مِمَّا كُنْتُمْ تُحَرِّمُونَ وَتَسْتَحِلُّونَ إِلَّا هَذَا {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ، قَالَ: " §كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَحِلُّونَ أَشْيَاءَ وَيُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] مِمَّا كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ إِلَّا هَذَا، وَكَانَتْ أَشْيَاءُ يُحَرِّمُونَهَا فَهِيَ حَرَامٌ الْآنَ "
الصفحة 632