كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، غَيْرَ بَاغٍ فِي أَكْلِهِ إِيَّاهُ تَلَذُّذًا، لَا لِضَرُورَةِ حَالَةٍ مِنَ الْجُوعِ، وَلَا عَادٍ فِي أَكْلِهِ بِتَجَاوُزِهِ مَا حَدَّهُ اللَّهُ وَأَبَاحَهُ لَهُ مِنْ أَكْلِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الْخَوْفَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَرْكِ أَكْلِهِ مِنَ الْهَلَاكِ لَمْ يَتَجَاوَزْ ذَلِكَ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهُ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ مَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ. {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ} [الأنعام: 145] فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَسَاتِرٌ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ عُقُوبَتَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَاءَ عَاقَبَهُ عَلَيْهِ. {رَحِيمٌ} [البقرة: 143] بِإِبَاحَتِهِ إِيَّاهُ أَكْلَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَلَوْ شَاءَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ وَمَنْعَهُ مِنْهُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَحَرَّمْنَا عَلَى الْيَهُودِ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ، وَهُوَ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْقُوقَ الْأَصَابِعِ كَالْإِبِلِ وَالْأَنْعَامِ وَالْإِوَزِّ وَالْبَطِّ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، وَعَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {§وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] «وَهُوَ الْبَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {§وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] قَالَ: «-[639]- الْبَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ»

الصفحة 638