كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] قَالَ: " §الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ: أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ إِنِ افْتَقَرَ، وَإِنِ اسْتَغْنَى فَلَا يَأْكُلْ "، قَالَ اللَّهُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] ، قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ الْكِسْوَةِ فَقَالَ: «لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الْكِسْوَةَ إِنَّمَا ذَكَرَ الْأَكْلَ»
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152] فَإِنَّ الْأَشُدَّ جَمْعُ شَدٍّ، كَمَا الْأَضُرُّ جَمْعُ ضَرٍّ، وَكَمَا الْأَشُرُّ جَمْعُ شَرٍّ. وَالشَّدُّ: الْقُوَّةُ، وَهُوَ اسْتِحْكَامُ قُوَّةِ شَبَابِهِ وَسِنِّهِ، كَمَا شَدُّ النَّهَارِ ارْتِفَاعُهُ وَامْتِدَادُهُ، يُقَالُ: أَتَيْتُهُ شَدَّ النَّهَارِ وَمَدَّ النَّهَارِ، وَذَلِكَ حِينَ امْتِدَادِهِ وَارْتِفَاعِهِ، وَكَانَ الْمُفَضَّلُ فِيمَا بَلَغَنِي يُنْشِدُ بَيْتَ عَنْتَرَةَ:
[البحر الكامل]
عَهْدِي بِهِ شَدَّ النَّهَارِ كَأَنَّمَا ... خُضِبَ اللَّبَانُ وَرَأْسُهُ بِالْعَظْلَمِ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الطويل]
يُطِيفُ بِهِ شَدَّ النَّهَارِ ظَعِينَةٌ ... طَوِيلَةُ أَنْقَاءِ الْيَدَيْنِ سَحُوقُ
-[664]- وَكَانَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَشُدَّ اسْمٌ مِثْلُ الْآنُكِ. فَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْحِينِ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ الْإِنْسَانُ قِيلَ بَلَغَ أَشُدَّهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ ذَلِكَ لَهُ إِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ

الصفحة 663