كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} [المائدة: 97] «§جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ قِيَامًا لِلنَّاسِ، هُوَ قِوَامُ أَمْرِهِمْ» . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِنْ قَائِلِهَا أَلْفَاظُهَا، فَإِنْ مَعَانِيَهَا آيِلَةٌ إِلَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْقِوَامَ لِلشَّيْءِ هُوَ الَّذِي بِهِ صَلَاحُهُ، كَالْمَلِكِ الْأَعْظَمِ قِوَامُ رَعِيَّتِهِ وَمَنْ فِي سُلْطَانِهِ، لِأَنَّهُ مُدَبِّرٌ أَمْرَهُمْ، وَحَاجِزٌ ظَالِمَهُمْ عَنْ مَظْلُومِهِمْ، وَالدَّافِعُ عَنْهُمْ مَكْرُوهَ مَنْ بَغَاهُمْ وَعَادَاهُمْ. وَكَذَلِكَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ وَالْهَدْي وَالْقَلَائِدُ قِوَامَ أَمْرِ الْعَرَبِ الَّذِي كَانَ بِهِ صَلَاحُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهِيَ فِي الْإِسْلَامِ لِأَهْلِهِ مَعَالِمَ حَجِّهِمْ وَمَنَاسِكِهِمْ وَمُتَوَجَّهِهِمْ لِصَلَاتِهِمْ وَقِبْلَتِهِمُ الَّتِي بِاسْتِقْبَالِهَا يَتِمُّ فَرْضُهُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَتْ جَمَاعَةُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} [المائدة: 97] «§حَوَاجِزَ أَبْقَاهَا اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يُتَنَاوَلْ وَلَمْ يُقْرَبْ وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ الْبَيْتَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ -[10]- شَعْرِ فَأَحْمَتْهُ وَمَنَعَتْهُ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا نَفَرَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنَ الْإِذْخِرِ أَوْ مِنْ لِحَاءِ السَّمَرِ، فَمَنَعَتْهُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ، حَوَاجِزُ أَبْقَاهَا اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ»

الصفحة 9