كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

قَرَأَ بِضَمِّ التَّاءِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ، مَعَ مُسَاعَدَةِ عَامَّةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِهِ، وَذَلِكَ إِجْمَاعُ عَامَّتِهِمْ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ: فَآخَرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ الْمُؤْتَمِنَانِ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ الْإِثْمَ فِيهِمْ، يَقُومَانِ مَقَامَ الْمُسْتَحِقِّ الْإِثْمَ فِيهِمَا بِخِيَانَتِهِمَا مَا خَانَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ قَائِلِيهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، وَنَحْنُ ذَاكِرُوا بَاقِيهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] : «§أَنْ يَمُوتَ الْمُؤْمِنُ فَيَحْضُرَ مَوْتَهُ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ لَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، فَإِنْ رَضِيَ وَرَثَتُهُ مَا عَاجَلَ عَلَيْهِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَذَاكَ، وَحَلَفَ الشَّاهِدَانِ إِنِ اتُّهِمَا إِنَّهُمَا لَصَادِقَانِ، فَإِنْ عُثِرَ، وُجِدَ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا حَلَفَ الِاثْنَانِ الْأَوْلَيَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ، فَاسْتَحَقَّا، وَأَبْطَلَا أَيْمَانَ الشَّاهِدَيْنِ» وَأَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِفَتْحِ التَّاءِ، أَرَادُوا أَنْ يُوَجِّهُوا تَأْوِيلَهُ إِلَى: فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مَقَامَ الْمُؤْتَمَنَيْنِ اللَّذَيْنِ عُثِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا فِي الْقَسَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ -[97]- بِهِ عَلَيْهِمَا دَعْوَاهُمَا قِبَلَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَى الْمُؤْتَمَنَيْنِ عَلَى الْمَالِ عَلَى خِيَانَتِهِمَا الْقِيَامَ مَقَامَهُمَا فِي الْقَسَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ. وَكَذَلِكَ كَانَتْ قِرَاءَةُ مَنْ رُوِّيتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ، فَقَرَأَ ذَلِكَ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ} [المائدة: 107] بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى مَعْنَى: الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ وَمَالِهِ. وَذَلِكَ مَذْهَبٌ صَحِيحٌ وَقِرَاءَةٌ غَيْرُ مَدْفُوعَةٍ صِحَّتُهَا، غَيْرَ أَنَّا نَخْتَارُ الْأُخْرَى لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

الصفحة 96