كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 10)

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: {§صَلَاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: 162] قَالَ: " الصَّلَاةُ: الصَّلَاةُ، وَالنُّسُكُ: الذَّبْحُ "
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163]
فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {§وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163] قَالَ: «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ} [البقرة: 80] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ، الدَّاعِيكَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَاتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: {أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} [الأنعام: 164] يَقُولُ: أَسِوَى اللَّهِ أَطْلُبُ سَيِّدًا يَسُودُنِي. {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] يَقُولُ: وَهُوَ سَيِّدُ كُلِّ شَيْءٍ دُونَهُ، وَمُدَبِّرُهُ وَمُصْلِحُهُ. {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] يَقُولُ: وَلَا تَجْتَرِحُ نَفْسٌ إِثْمًا إِلَّا عَلَيْهَا، أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِمَا أَتَتْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَرَكِبَتْ مِنَ الْخَطِيئَةِ سِوَاهَا، بَلْ كُلُّ ذِي إِثْمٍ فَهُوَ الْمُعَاقَبُ بِإِثْمِهِ وَالْمَأْخُوذُ بِذَنْبِهِ. {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] يَقُولُ: وَلَا تَأْثَمُ نَفْسٌ آثِمَةٌ بِإِثْمِ نَفْسٍ أُخْرَى غَيْرَهَا، وَلَكِنَّهَا تَأْثَمُ بِإِثْمِهَا وَعَلَيْهِ تُعَاقَبُ دُونَ إِثْمِ أُخْرَى غَيْرَهَا. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ لَهُمْ، يَقُولُ: قُلْ لَهُمْ: إِنَّا لَسْنَا مَأْخُوذِينَ بِآثَامِكُمْ، وَعَلَيْكُمْ عُقُوبَةُ إِجْرَامِكُمْ، وَلَنَا جَزَاءُ أَعْمَالِنَا. وَهَذَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ

الصفحة 48