كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 10)
يَقُولَ لَهُمْ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينٌ} [الكافرون: 6]
وَذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: " §كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا مَخْرَجَ لِلْعُلَمَاءِ الْعَابِدِينَ إِلَّا إِحْدَى خَلَّتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبَتِهَا: إِمَّا أَمْرٌ وَدُعَاءٌ إِلَى الْحَقِّ، أَوِ الِاعْتِزَالُ، فَلَا تُشَارِكْ أَهْلَ الْبَاطِلِ فِي عَمَلِهِمْ، وَتُؤَدِّي الْفَرَائِضَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ، وَتُحِبُّ لِلَّهِ، وَتُبْغِضُ لِلَّهِ، وَلَا تُشَارِكُ أَحَدًا فِي إِثْمٍ. قَالَ: وَقَدْ أَنْزَلَ فِي ذَلِكَ آيَةً مُحْكَمَةً: {قُلْ أَغْيَرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] إِلَى قَوْلِهِ: {فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164] ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4] " يُقَالُ مِنَ الْوِزْرِ: وَزِرَ يَوْزَرُ، فَهُوَ وَزِيرٌ، وَوُزِرَ يُوزَرُ فَهُوَ مَوْزُورٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ: كُلُّ عَامِلٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ فَلَهُ ثَوَابُ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ وِزْرُهُ، فَاعْمَلُوا مَا أَنْتُمْ عَامِلُوهُ. {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ} [الأنعام: 164] أَيُّهَا النَّاسُ {مَرْجِعُكُمْ} [آل عمران: 55] يَقُولُ: ثُمَّ إِلَيْهِ مَصِيرُكُمْ وَمُنْقَلَبُكُمْ، {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ} [المائدة: 48] فِي الدُّنْيَا {تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران: 55] مِنَ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ، إِذْ كَانَ بَعْضُكُمْ يَدِينُ بِالْيَهُودِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِالْمَجُوسِيَّةِ، وَبَعْضٌ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَادِّعَائِهِ الشُّرَكَاءَ مَعَ اللَّهِ وَالْأَنْدَادِ، ثُمَّ يُجَازَى جَمِيعُكُمْ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ -[50]- شَرٍّ، فَتَعْلَمُوا حِينَئِذٍ مَنِ الْمُحْسِنُ مِنَّا وَالْمُسِيءُ
الصفحة 49