كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 10)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: " {§إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} [الأعراف: 201] يَقُولُ: إِذَا زَلُّوا تَابُوا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ مِنَ اسْتِزْلَالِ الشَّيْطَانِ، وَاللَّمَّةَ مِنَ الْخَطِيئَةِ أَيْضًا مِنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ طَائِفِ الشَّيْطَانِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِخُصُوصِ مَعْنًى مِنْهُ دُونَ مَعْنًى، بَلِ الصَّوَابُ أَنْ يَعُمَّ كَمَا عَمَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَيُقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا عُرِضَ لَهُمْ عَارِضٌ مِنْ أَسْبَابِ الشَّيْطَانِ مَا كَانَ ذَلِكَ الْعَارِضُ، تَذَكَّرُوا أَمْرَ اللَّهِ وَانْتَهَوْا إِلَى أَمْرِهِ
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ هُدَى اللَّهِ وَبَيَانَهُ وَطَاعَتَهُ فِيهِ، فَمُنْتَهُونَ عَمَّا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ طَائِفُ الشَّيْطَانِ
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {§فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] يَقُولُ: إِذَا هُمْ مُنْتَهُونَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، آخِذُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ، عَاصوُنَ لِلشَّيْطَانِ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ تَمُدُّهُمُ الشَّيَاطِينُ فِي الْغَيِّ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {يَمُدُّونَهُمْ} [الأعراف: 202] يَزِيدُونَهُمْ. {ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] عَمَّا قَصُرَ عَنْهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ
الصفحة 650