كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 10)
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} [الأعراف: 12] قَالَ: «§ثُمَّ جَعَلَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ مَاءٍ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَدُوُّ اللَّهِ لَيْسَ لِمَا سَأَلَهُ عَنْهُ بِجَوَابٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ مِنَ السُّجُودِ؟ فَلَمْ يُجِبْ بِأَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنَ السُّجُودِ: أَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ نَارٍ، وَخَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ، وَلَكِنَّهُ ابْتَدَأَ خَبَرًا عَنْ نَفْسِهِ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَوْضِعِ الْجَوَابِ، فَقَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف: 13] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: قَالَ اللَّهُ لِإِبْلِيسَ عِنْدَ ذَلِكَ: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} [الأعراف: 13] ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْهُبُوطَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} [الأعراف: 13] ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: اهْبِطْ مِنْهَا يَعْنِي: مِنَ الْجَنَّةِ فَمَا يَكُونُ لَكَ، يَقُولُ: فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَسْتَكْبِرَ فِي الْجَنَّةِ عَنْ طَاعَتِي وَأَمْرِي. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَبَّرَ فِي الْجَنَّةِ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: فَاهْبِطْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْكُنُ الْجَنَّةَ مُتَكَبِّرٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَسْكُنُهَا الْمُسْتَكْبِرُ
الصفحة 88