كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)

§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 49] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَمَنْ يُسْلِمْ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ وَيَثِقْ بِهِ وَيَرْضَ بِقَضَائِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ حَافِظُهُ وَنَاصِرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَزِيزٌ لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَقْهَرُهُ أَحَدٌ، فَجَارُهُ مَنِيعٌ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ يَكْفِهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ أَنُ يُفَوِّضُوا أَمَرَهُمْ إِلَيْهِ وَيُسْلِمُوا لِقَضَائِهِ، كَيْمَا يَكْفِيَهُمْ أَعْدَاءَهُمْ، وَلَا يَسْتَذِلَّهُمْ مَنْ نَاوَأَهُمْ؛ لِأَنَّهُ عَزِيزٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ، فَجَارُهُ غَيْرُ مَقْهُورٍ. {حَكِيمٌ} [البقرة: 209] يَقُولُ: هُوَ فِيمَا يُدَبِّرُ مِنْ أَمْرِ خَلْقِهِ، حَكِيمٌ لَا يَدْخُلُ تَدْبِيرَهُ خَلَلٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَوْ تُعَايِنُ يَا مُحَمَّدُ حِينَ يَتَوَفَّى الْمَلَائِكَةُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ فَتَنْزَعُهَا مِنْ أَجْسَادِهِمْ، تَضْرِبُ الْوُجُوهَ مِنْهُمْ وَالْأَسْتَاهَ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ: ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي تَحْرِقُكُمْ يَوْمَ وُرُودِكُمْ جَهَنَّمَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: " {§إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: 50] قَالَ: يَوْمُ بَدْرٍ "

الصفحة 229