كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)
الرِّجَالِ فِي الْبُيُوتِ، وَيَتَرُكُوا الْغَزْوَ مَعَكَ. {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 93] يَقُولُ: وَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِمَا كَسَبُوا مِنَ الذُّنُوبِ. {فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93] سُوءَ عَاقِبَتِهِمْ بِتَخَلُّفِهِمْ عَنْكَ وَتَرْكِهِمُ الْجِهَادَ مَعَكَ وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ قَبِيحِ الثَّنَاءِ فِي الدُّنْيَا وَعَظِيمِ الْبَلَاءِ فِي الْآخِرَةِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 94] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفُونَ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التَّارِكُونَ جِهَادَ الْمُشْرِكِينَ مَعَكُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِالْأَبَاطِيلِ وَالْكَذِبِ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ مِنْ سَفَرِكُمْ وَجِهَادِكُمْ؛ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: {لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ} [التوبة: 94] يَقُولُ: لَنْ نُصَدِّقَكُمْ عَلَى مَا تَقُولُونَ. {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: 94] يَقُولُ: قَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، وَأَعْلَمَنَا مِنْ أَمْرِكُمْ مَا قَدْ عَلِمْنَا بِهِ كَذِبَكُمْ. {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94] يَقُولُ: وَسَيَرَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيمَا بَعْدُ عَمَلَكُمْ، أَتَتُوبُونَ مِنْ نِفَاقِكُمْ أَمْ تُقِيمُونَ عَلَيْهِ {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [التوبة: 94] يَقُولُ: ثُمَّ تَرْجِعُونَ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ؛ يَعْنِي الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ بَوَاطِنُ أُمُورِكُمْ وَظَوَاهِرُهَا. {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة: 105] فَيُخْبِرُكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ
الصفحة 628