كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)

كُلِّهَا سَيِّئِهَا وَحَسَنِهَا، فَيُجَازِيكُمْ بِهَا الْحَسَنُ مِنْهَا بِالْحَسَنِ وَالسَّيِّئُ مِنْهَا بِالسَّيِّئِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: سَيَحْلِفُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ فَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ، {إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: 95] يَعْنِي: إِذَا انْصَرَفْتُمْ إِلَيْهِمْ مِنْ غَزْوِكُمْ، {لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ} [التوبة: 95] فَلَا تُؤَنِّبُوهُمْ. {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ} [التوبة: 95] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ: فَدَعُوا تَأْنِيبَهُمْ وَخَلُّوهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [التوبة: 95] يَقُولُ: إِنَّهُمْ نَجَسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، يَقُولُ: وَمَصِيرُهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ وَهِيَ مَسْكَنُهُمُ الَّذِي يَأْوُونَهُ فِي الْآخِرَةِ. {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 82] يَقُولُ: ثَوَابًا بِأَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ. وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَا مَا
حَدَّثَنَا بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: " {§سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا} [التوبة: 95] . . إِلَى: {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَغْزُو بَنِي الْأَصْفَرَ لَعَلَّكَ أَنْ تُصِيبَ بِنْتَ عَظِيمِ الرُّومِ، فَإِنَّهُمْ حِسَانٌ فَقَالَ رَجُلَانِ: قَدْ عَلِمْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّ النِّسَاءَ فِتْنَةٌ، فَلَا تَفْتِنَّا بِهِنَّ، فَأْذَنْ لَنَا فَأَذِنَ لَهُمَا؛ فَلَمَّا انْطَلَقَا، قَالَ أَحَدُهُمَا: إِنْ هُوَ إِلَّا شَحْمَةٌ لَأَوَّلِ آكِلٍ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ نَزَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى بَعْضِ الْمِيَاهِ: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا

الصفحة 629