كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)

قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة: 42] ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 44] ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ: {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95] فَسَمِعَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِمَّنْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُمْ وَهُمْ خَلْفُهُمْ، فَقَالَ: تَعْلَمُونَ أَنْ قَدْ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكُمْ قُرْآنٌ، قَالُوا: مَا الَّذِي سَمِعْتَ؟ قَالَ مَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ أَنَّهَ يَقُولُ: {إِنَّهُمْ رِجْسٌ} [التوبة: 95] ، فَقَالَ رَجُلٌ يُدْعَى مَخْشِيًّا: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَأَنِّي لَسْتُ مَعَكُمْ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ؟» فَقَالَ: وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْفَعُهُ الرِّيحُ وَأَنَا فِي الْكِنِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {وَمِنْهُمْ مِنْ يَقُولِ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: 81] وَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي أُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، قَوْلُ اللَّهِ: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 64] فَقَالَ رَجُلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ: لَئِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كَمَا يَقُولُونَ مَا فِينَا خَيْرٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعْتُ؟» فَقَالَ: لَا وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: 74] وَأَنْزَلَ فِيهِ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47] "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " §لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ، جَلَسَ -[631]- لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونِ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَّلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَصَدَقَتِهِ حَدِيثِي. فَقَالَ كَعْبٌ: وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِيَ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَّا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلَكُ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إِنَّ اللَّهَ، قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ، شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95] . . إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 96] "

الصفحة 630