كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ خُذْ مِنْ أَمْوَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ فَتَابُوا مِنْهَا صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] يَقُولُ: وَتُنَمِيهِمْ وَتَرْفَعُهُمْ عَنْ خَسِيسِ مَنَازِلِ أَهْلِ النِّفَاقِ بِهَا، إِلَى مَنَازِلِ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ. {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] يَقُولُ: وَادْعُ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِمْ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ مِنْهَا. {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] يَقُولُ: إِنَّ دُعَاءَكَ وَاسْتِغْفَارَكَ طُمَأْنِينَةٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْهُمْ وَقَبِلَ تَوْبَتَهُمْ {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمُُ} [البقرة: 224] يًقُولُ: وَاللَّهُ سَمِيعٌ لِدُعَائِكَ إِذَا دَعَوْتَ لَهُمْ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ، عَلِيمٌ بِمَا تَطْلُبُ بِهِمْ بِدُعَائِكَ رَبَّكَ لَهُمْ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ عِبَادِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §جَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ يَعْنِي أَبَا لُبَابَةَ وَأَصْحَابَهُ حِينَ أُطْلِقُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أَمْوَالُنَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عَنَّا وَاسْتَغْفَرْ لَنَا قَالَ: «مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئًا» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] يَعْنِي بِالزَّكَاةِ: طَاعَةَ اللَّهِ وَالْإِخْلَاصَ. {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] يَقُولُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ "

الصفحة 659