كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " (§إِذْ يَغْشَاكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنْهُ) إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11] إِنَّ الْمُشْرِكِينَ نَزَلُوا بِالْمَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَغَلَبُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ الظَّمَأُ، وَصَلُّوا مُحْدِثِينَ مُجْنِبِينَ، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْحُزْنَ، وَوَسْوَسَ فِيهَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيُّ اللَّهِ، وَقَدْ غُلِبْتُمْ عَلَى الْمَاءِ وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ مُحْدِثِينَ مُجْنِبِينَ، فَأَمْطَرَ اللَّهُ السَّمَاءَ حَتَّى سَالَ كُلُّ وَادٍ، فَشَرِبَ الْمُسْلِمُونَ وَمَلَئُوا أَسْقِيَتَهُمْ وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَاغْتَسَلُوا مِنَ الْجَنَابَةِ، وَثَبَّتَ اللَّهُ بِهِ الْأَقْدَامَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ رَمْلَةٌ لَا تَجُوزُهَا الدَّوَابُّ، وَلَا يَمْشِي فِيهَا الْمَاشِي إِلَّا بِجَهْدٍ، فَضَرَبَهَا اللَّهُ بِالْمَطَرِ حَتَّى اشْتَدَّتْ وَثَبَتَتْ فِيهَا الْأَقْدَامُ "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: " (§إِذْ يَغْشَاكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنْهُ) : أَيْ: أُنْزِلَتْ عَلَيْكُمُ الْأَمَنَةُ حَتَّى نِمْتُمْ لَا تَخَافُونَ، وَنَزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ الْمَطَرُ الَّذِي أَصَابَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَحُبِسَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَسْبِقُوا إِلَى الْمَاءِ، وَخُلِّيَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ. {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11] لِيُذْهِبَ عَنْهُمْ شَكَّ الشَّيْطَانِ بِتَخْوِيفِهِ إِيَّاهُمْ -[68]- عَدُوَّهُمْ، وَاسْتِجْلَادِ الْأَرْضِ لَهُمْ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَنْزِلِهِمُ الَّذِي سَبَقَ إِلَيْهِ عَدُوُّهُمْ "
الصفحة 67