كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " ثُمَّ ذَكَرَ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شَأْنِ الْجَنَابَةِ وَقِيَامِهِمْ يُصَلُّونَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَقَالَ: (§إِذْ يَغْشَاكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) حَتَّى تَشْتَدُّونَ عَلَى الرَّمْلِ، وَهُوَ كَهَيْئَةِ الْأَرْضِ "
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ مَرَّةً قَرَأَ: {§وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] فَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّمَا هِيَ: {وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطْهِرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] "
قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «§كَانَ ذَلِكَ طَشًّا يَوْمَ بَدْرٍ» وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْغَرِيبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَنَّ مَجَازَ قَوْلِهِ: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11] وَيُفْرِغُ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ وَيُنَزِّلُهُ عَلَيْهِمْ، فَيَثْبُتُونَ لِعَدُوِّهِمْ. وَذَلِكَ قَوْلٌ -[69]- خِلَافٌ لِقَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَحَسْبُ قَوْلٍ خَطَأً أَنْ يَكُونَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَنْ ذَكَرْنَا. وَقَدْ بَيَّنَّا أَقْوَالَهُمْ فِيهِ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ: وَيُثَبِّتَ أَقْدَامَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَلْبِيدِ الْمَطَرِ الرَّمْلَ حَتَّى لَا تَسُوخَ فِيهِ أَقْدَامُهُمْ وَحَوَافِرُ دَوَابِّهِمْ
الصفحة 68