كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 11)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ: " {§وَلْيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17] أَيْ: لِيُعَرِّفَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ فِي إِظْهَارِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِ وَقِلَّةِ عَدَدِهِمْ، لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ حَقَّهُ وَلِيَشْكُرُوا بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ "
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] يَعْنِي: إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُنَاشَدَتِهِ رَبَّهُ وَمَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ إِهْلَاكَ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكُمْ وَلِقِيلِكُمْ وَقِيلِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، عَلِيمٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَبِمَا فِيهِ صَلَاحُكُمْ وَصَلَاحُ عِبَادِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ مُحِيطٌ بِهِ، فَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ وَأَمْرَ رَسُولِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 18] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ} [البقرة: 49] هَذَا الْفِعْلُ مِنْ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَرَمْيِهِمْ حَتَّى انْهَزَمُوا، وَابْتِلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَلَاءَ الْحَسَنَ بِالظَّفَرِ بِهِمْ وَإِمْكَانِهِمْ مِنْ قَتْلِهِمْ وَأَسْرِهِمْ، فَعَلْنَا الَّذِي فَعَلْنَا. {وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيَدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 18] يَقُولُ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ ذَلِكَ مُضْعِفُ كَيَدِ الْكَافِرِينَ، يَعْنِي مَكْرَهُمْ، حَتَّى يَذِلُّوا، وَيَنْقَادُوا لِلْحَقِّ وَيَهْلَكُوا. وَفَي فَتْحِ «أَنَّ» مِنَ الْوُجُوهِ مَا فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ
الصفحة 88