كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 12)
وَأَصْلُهُ مَفْعُولٌ صُرِفَ إِلَى فَعِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ «مَحْمُومٌ» : أَيْ مُسَخَّنٌ، وَكُلُّ مُسَخَّنٍ عِنْدَ الْعَرَبِ فَهُوَ حَمِيمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُرَقِّشِ:
[البحر البسيط]
فِي كُلِّ يَوْمٍ لَهَا مِقْطَرَةٌ ... فِيهَا كِبَاءٌ مُعَدٌّ وَحَمِيمْ
يَعْنِي بِالْحَمِيمِ: الْمَاءَ الْمُسَخَّنَ وَقَوْلُهُ: {وَعَذَابٌ أَلِيمٌ} [يونس: 4] يَقُولُ: وَلَهُمْ مَعَ ذَلِكَ عَذَابٌ مُوجِعٌ سِوَى الشَّرَابِ مِنَ الْحَمِيمِ {بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 4] بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: 5] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً} [يونس: 5] بِالنَّهَارِ {وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5] بِاللَّيْلِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: هُوَ الَّذِي أَضَاءَ الشَّمْسَ وَأَنَارَ الْقَمَرَ، {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} [يونس: 5] يَقُولُ: قَضَاهُ فَسَوَّاهُ مَنَازِلَ لَا يُجَاوِزُهَا، وَلَا يَقْصُرُ دُونَهَا عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ أَبَدًا. وَقَالَ: {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} [يونس: 5] فَوَحَّدَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: {وَقَدَّرَهُ} [يونس: 5] لِلْقَمَرِ خَاصَّةً،
الصفحة 118