كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 12)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قُرِئَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ آيَاتُ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بَيِّنَاتٍ وَاضِحَاتٍ عَلَى الْحَقِّ دَالَّاتٍ. {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [يونس: 15] يَقُولُ: قَالَ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ عِقَابَنَا وَلَا يُوقِنُونَ بِالْمِعَادِ إِلَيْنَا وَلَا يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ لَكَ: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: 15] بِقَوْلٍ: أَوْ غَيْرِهِ. {قُلْ} [البقرة: 80] لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15] أَيْ مِنْ عِنْدِي. وَالتَّبْدِيلُ الَّذِي سَأَلُوهُ فِيمَا ذُكِرَ، أَنْ يُحَوِّلَ آيَةَ الْوَعِيدِ آيَةَ وَعْدٍ وَآيَةَ الْوَعْدِ وَعِيدًا وَالْحَرَامَ حَلَالًا وَالْحَلَالَ حَرَامًا، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَا يُرَدُّ حُكْمُهُ وَلَا يُتَعَقَّبُ قَضَاؤُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولٌ مُبَلِّغٍ وَمَأْمُورٌ مُتَّبِعٌ. وَقَوْلُهُ: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50] يَقُولُ: قُلْ لَهُمْ: مَا أَتَّبِعُ فِي كُلِّ مَا آمُرُكُمْ بِهِ أَيُّهَا الْقَوْمُ وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِلَّا مَا يُنْزِلُهُ إِلَيَّ رَبِّي وَيَأْمُرُنِي بِهِ. {إِنِّي أَخَافُ

الصفحة 136