كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 12)
يُضَيِّعْ لَهُ أَجْرَ فِعْلِهِ ذَلِكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ إِذَا غَزَا خِلَافَهُ فَيَقْعُدَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ كَانَ ذَا عُذْرٍ، فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فَإِنَّ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَخَلَّفَ خِلَافَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " {§مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120] هَذَا إِذَا غَزَا نَبِيُّ اللَّهِ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَكِنِّي لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَنْطَلِقُ بِهِمْ مَعِي، وَيَشُقُّ عَلَيَّ أَوْ أَكْرَهُ أَنْ أَدْعَهُمْ بَعْدِي»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، وَالْفَزَارِيَّ، وَالسَّبِيعِيَّ، وَابْنَ جَابِرٍ، وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " {§مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. إِنَّهَا لِأَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَآخِرِهَا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَقَالَ آخَرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ وَفِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ قِلَّةٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا نَسَخَهَا اللَّهُ -[73]- وَأَبَاحَ التَّخَلُّفَ لِمَنْ شَاءَ، فَقَالَ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
الصفحة 72