كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: " {§وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31] قَالَ: الْبَزْمَاوَرْدُ " وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: الْمُتَّكَأُ: هُوَ النَّمْرِقُ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَقَالَ: زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ الْأُتْرُجُّ، قَالَ: وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُتَّكَإِ أُتْرُجٌّ -[125]- يَأْكُلُونَهُ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّهُ بَعْضُ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ الْكَسَائِيَّ كَانَ يَقُولُ: قَدْ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ انْقَرَضَ أَهْلُهُ. وَالْقَوْلُ فِي أَنَّ الْفُقَهَاءَ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا شَكَّ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَبْعُدْ مِنَ الصَّوَابِ فِي هَذَا الْقَوْلِ، بَلِ الْقَوْلُ كَمَا قَالَ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلْمُتَّكَأِ هُوَ الْأُتْرُجُّ، إِنَّمَا بَيَّنَ الْمُعَدَّ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي فِيهِ الْمُتَّكَأُ، وَالَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْطِينَ السَّكَاكِينَ، لِأَنَّ السَّكَاكِينَ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ لِلْمُتَّكَأِ إِلَّا لِتَخْرِيقِهِ، وَلَمْ يُعْطَيْنَ السَّكَاكِينَ لِذَلِكَ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ صِحَّةَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ أَنَّ الْمُتَّكَأَ هُوَ الْمَجْلِسُ

الصفحة 124