كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: " §قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ: فَقُسِمَ لِيُوسُفَ وَأُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنِّصْفُ لِسَائِرِ النَّاسِ "
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: «§قُسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنٍ، فَجُعِلَ لِيُوسُفَ وَسَارَةَ النِّصْفُ، وَجُعِلَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ نِصْفٌ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ، «§أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ النَّاسُ الثُّلُثَيْنِ» وَقَوْلُهُ: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: {حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] بِفَتْحِ الشِّينِ وَحَذْفِ الْيَاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ «حَاشَى لِلَّهِ» . وَفِيهِ لُغَاتٌ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا: «حَاشَى اللَّهِ» كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]
-[138]- حَاشَى أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِ ... ضِنًّا عَنِ الْمَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ
وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِهَذِهِ اللُّغَةِ: «حَاشَ اللَّهَ» بِتَسْكِينِ الشِّينِ وَالْأَلِفِ يَجْمَعُ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ، فَإِنَّمَا هِيَ بِإِحْدَى اللُّغَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَمَنْ قَرَأَ: {حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] بِفَتْحِ الشِّينِ وَإِسْقَاطِ الْيَاءِ، فَإِنَّهُ أَرَادَ لُغَةَ مَنْ قَالَ: «حَاشَى لِلَّهِ» ، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ الْيَاءَ لِكَثْرَتِهَا عَلَى أَلْسُنِ الْعَرَبِ، كَمَا حَذَفَتِ الْعَرَبُ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا أَبَ لِغَيْرِكَ، وَلَا أَبَ لِشَانِيكَ، وَهُمْ يَعْنُونَ: لَا أَبًا لِغَيْرِكَ، وَلَا أَبًا لِشَانِيكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَزْعُمُ أَنَّ لِقَوْلِهِمْ: «حَاشَى لِلَّهِ» ، مَوْضِعَيْنِ فِي الْكَلَامِ: أَحَدُهُمَا: التَّنْزِيهُ، وَالْآخَرُ: الِاسْتِثَنَاءُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَنَا بِمَعْنَى التَّنْزِيهِ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَعَاذَ اللَّهِ -[139]- وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْقَارِئِ، فِي قِرَاءَتِهِ بِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ، وَإِنْ شَاءَ بِقِرَاءَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَهُوَ: {حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] وَ «حَاشَى لِلَّهِ» لِأَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلُغَاتٌ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ قَارِئًا قَرَأَ بِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:

الصفحة 137