كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " §نَزَلَ يَعْقُوبُ الشَّامَ، فَكَانَ هَمُّهُ يُوسُفَ وَأَخَاهُ، فَحَسَدَهُ إِخْوَتُهُ لَمَّا رَأَوْا حُبَّ أَبِيهِ لَهُ، وَرَأَى يُوسُفُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَآهُمْ لَهُ سَاجِدِينَ، فَحَدَّثَ بِهَا أَبَاهُ فَقَالَ: {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا. . .} [يوسف: 5] الْآيَةَ " وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَاهُ: فَيَتَّخِذُوا لَكَ كَيْدًا، وَلَيْسَتْ مِثْلَ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] تِلْكَ أَرَادُوا أَنْ يُوصَلَ الْفِعْلُ إِلَيْهَا بِاللَّامِ كَمَا يُوصَلُ بِالْبَاءِ، كَمَا تَقُولُ: قَدَّمْتُ لَهُ طَعَامًا، تُرِيدُ قَدَّمْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} [يوسف: 48] ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} [يونس: 35] قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ كَانَ: فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا، فِي مَعْنَى: فَيَكِيدُوكَ، وَتَجْعَلُ اللَّامَ مِثْلَ: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154] وَقَدْ قَالَ «-[15]- لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ» إِنَّمَا هُوَ بِمَكَانِ: «رَبَّهُمْ يَرْهَبُونَ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُدْخِلَتِ اللَّامُ فِي ذَلِكَ، كَمَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ: حَمِدْتُ لَكَ وَشَكَرْتُ لَكَ، وَحَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ، وَقَالَ: هَذِهِ لَامٌ عَلَيْهَا الْفِعْلُ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5] تَقُولُ: فَيَكِيدُوكَ، وَيَكِيدُوا لَكَ فَيَقْصِدُوكَ، وَيَقْصِدُوا لَكَ، قَالَ: «وَكَيْدًا» : تَوْكِيدٌ

الصفحة 14