كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§وَقَوْلُهُ: {مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] يَقُولُ: قُلْنَ مَا هَذَا بَشَرًا، لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَرَيْنَ فِي حُسْنِ صُورَتِهِ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا، فَقُلْنَ: لَوْ كَانَ مِنَ الْبَشَرِ لَكَانَ كَبَعْضِ مَا رَأَيْنَا مِنْ صُورَةِ الْبَشَرِ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا مِنَ الْبَشَرِ
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {§وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] : مَا هَكَذَا تَكُونُ الْبَشَرُ " وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ
وَقَدْ: حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ زِيَادٍ الْفَرَّاءِ، قَالَ: ثَنِي دِعَامَةُ بْنُ رَجَاءٍ التَّيْمِيُّ، وَكَانَ غُرًّا، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ الْحَنَفِيِّ، " أَنَّهُ §قَرَأَ: «مَا هَذَا بِشِرًى» : أَيْ مَا هَذَا بِمُشْتَرًي، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَنْكَرْنَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مُسْتَعْبَدًا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ " وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ خِلَافُهَا فِيهِ. وَأَمَّا نَصْبُ الْبَشَرَ، فَمِنْ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ إِذَا أَسْقَطُوا الْبَاءَ مِنَ الْخَبَرِ نَصَبُوهُ، فَقَالُوا: مَا عَمْرٌو قَائِمًا. وَأَمَّا أَهْلُ نَجْدٍ، فَإِنَّ مِنْ لُغَتِهِمْ رَفْعَهُ، يَقُولُونَ: مَا عَمْرٌو قَائِمٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حَيْثُ يَقُولُ:
[البحر الطويل]

الصفحة 140