كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 34] إِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ} [يوسف: 34] وَلَا مَسْأَلَةَ تَقَدَّمَتْ مِنْ يُوسُفَ لِرَبِّهِ، وَلَا دَعَا بِصَرْفِ كَيْدِهِنَّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ رَبَّهُ أَنَّ السِّجْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ؟ قِيلَ: إِنَّ فِي إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ شِكَايَةً مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ مِمَّا لَقِيَ مِنْهُنَّ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} [يوسف: 33] مَعْنَى دُعَاءٍ وَمَسْأَلَةٍ مِنْهُ رَبَّهُ صَرْفَ كَيْدِهِنَّ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ} [يوسف: 34] وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِآخَرَ: إِنْ لَا تَزُرْنِي أُهِنْكَ، فَيُجِيبُهُ الْآخَرُ: إِذَنْ أَزُورَكَ، لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: إِنْ لَا تَزُرْنِي أُهِنْكَ، مَعْنَى الْأَمْرِ بِالزِّيَارَةِ. وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِيُوسُفَ دُعَاءَهُ، فَصَرَفَ عَنْهُ مَا أَرَادَتْ مِنْهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ وَصَوَاحِبَاتُهَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، " {§فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 34] : أَيْ نَجَّاهُ مِنْ أَنْ يَرْكَبَ الْمَعْصِيَةَ فِيهِنَّ، وَقَدْ نَزَلَ بِهِ بَعْضُ مَا حَذَرَ مِنْهُنَّ "

الصفحة 146