كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§وَقَوْلُهُ: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: 37] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَذْكُرُ أَنِّي أَعْلَمُهُ مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي فَعَلِمْتُهُ. {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [يوسف: 37] وَجَاءَ الْخَبَرُ مُبْتَدَأً: أَيْ تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ، وَالْمَعْنَى: مَا مِلْتُ وَإِنَّمَا ابْتَدَأَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ الدَّلِيلَ عَلَى مَعْنَاهُ
§وَقَوْلُهُ: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [يوسف: 37] يَقُولُ: إِنِّي بَرِئْتُ مِنْ مِلَّةِ مَنْ لَا يُصَدِّقُ بِاللَّهِ، وَيَقِرُّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ. {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [هود: 19] يَقُولُ: وَهُمْ مَعَ تَرْكِهِمُ الْإِيمَانَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ لَا يُقِرُّونَ بِالْمِعَادِ وَالْبَعْثِ وَلَا بِثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ. وَكُرِّرَتْ «هُمْ» مَرَّتَيْنِ، فَقِيلَ: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [هود: 19] لَمَّا دَخَلَ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: {بِالْآخِرَةِ} [البقرة: 86] فَصَارَتْ «هُمْ» الْأُولَى كَالْمُلْغَاةِ، وَصَارَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الثَّانِيَةِ، كَمَا قِيلَ: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 3] وَكَمَا قِيلَ: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا وَجْهُ هَذَا الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ مِنْ يُوسُفَ، وَأَيْنَ جَوَابُهُ الْفَتَيَيْنِ عَمَّا سَأَلَاهُ مِنْ تَعْبِيرِ رُؤْيَاهُمَا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ؟

الصفحة 160