كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 40] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ} [يوسف: 40] : مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَقَالَ: {مَا تَعْبُدُونَ} [البقرة: 133] وَقَدِ ابْتَدَأَ الْخِطَابَ بِخِطَابِ اثْنَيْنِ، فَقَالَ: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} [يوسف: 39] لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُخَاطَبَ بِهِ وَمَنْ هُوَ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ مُقِيمٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَالَ لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ: مَا تَعْبُدُ أَنْتَ وَمَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ {إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} [يوسف: 40] ، وَذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمْ أَوْثَانَهُمْ آلِهَةً أَرْبَابًا، شِرْكًا مِنْهُمْ وَتَشْبِيهًا لَهَا فِي أَسْمَائِهَا الَّتِي سَمُّوهَا بِهَا بِاللَّهِ، تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ شَبِيهٌ. {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [يوسف: 40] يَقُولُ: سَمُّوهَا بِأَسْمَاءٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِتَسْمِيَتِهَا، وَلَا وَضَعَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ أَسْمَاؤُهَا دَلَالَةً وَلَا حُجَّةً، وَلَكِنَّهَا اخْتِلَاقٌ مِنْهُمْ لَهَا وَافْتِرَاءً
§وَقَوْلُهُ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] يَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا أَنْتُمْ وَجَمِيعُ خَلْقِهِ إِلَّا اللَّهَ الَّذِي لَهُ الْأَلُوهَةُ وَالْعِبَادَةُ خَالِصَةً دُونَ كُلِّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: " {§إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا -[166]- تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] قَالَ: أُسِّسَ الدِّينُ عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ "

الصفحة 165