كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} [يوسف: 7] الْأَحَدَ عَشَرَ {آيَاتٌ} [البقرة: 99] يَعْنِي عِبَرَ، وَذَكَرَ {لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] يَعْنِي السَّائِلِينَ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَقَصَصَهِمْ. وَإِنَّمَا أَرَادَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّمَا أَنْزَلَ هَذِهِ السُّورَةَ عَلَى نَبِيِّهِ يُعْلِمُهُ فِيهَا مَا لَقِيَ يُوسُفُ مِنْ إِخْوَتِهِ، وَإِذَايَتَهُ مِنَ الْحَسَدِ، مَعَ تَكْرِمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ، تَسْلِيَةً لَهُ بِذَلِكَ مِمَّا يَلْقَى مِنْ إِذَايَتِهِ وَأَقَارِبِهِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «إِنَّمَا §قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مُحَمَّدٍ خَبَرَ يُوسُفَ، وَبَغْيَ إِخْوَتِهِ عَلَيْهِ وَحَسَدَهُمْ إِيَّاهُ حِينَ ذَكَرَ رُؤْيَاهُ لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَغْيِ قَوْمِهِ وَحَسَدِهِ حِينَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنُبُوَّتِهِ لِيَتَأَسَّى بِهِ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ «آيَاتٌ» عَلَى الْجِمَاعِ. وَرُوِي عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُمَا قَرَأَا ذَلِكَ عَلَى التَّوْحِيدِ. وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى الْجِمَاعِ، -[18]- لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ

الصفحة 17