كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا} [يوسف: 43] عَبَرَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " إِنَّ §اللَّهَ أَرَى الْمَلِكَ فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا هَالَتْهُ، فَرَأَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ، وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ. فَجَمَعَ السَّحَرَةَ وَالْكَهَنَةَ وَالْحُزَاةَ وَالْقَافَةَ، فَقَصَّهَا عَلَيْهِمْ. {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: 44] "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " ثُمَّ إِنَّ §الْمَلِكَ الرَّيَّانَ بْنَ الْوَلِيدِ رَأَى رُؤْيَاهُ الَّتِي رَأَى، فَهَالَتْهُ، وَعَرَفَ أَنَّهَا رُؤْيَا وَاقِعَةٌ، وَلَمْ يَدْرِ مَا تَأْوِيلُهَا؛ فَقَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ: {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف: 43] . إِلَى قَوْلِهِ: {بِعَالِمِينَ} [يوسف: 44] "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: 44] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ سَأَلَهُمْ مَلِكُ مِصْرَ عَنْ تَعْبِيرِ رُؤْيَاهُ: رُؤْيَاكَ -[179]- هَذِهِ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ؛ يَعْنُونَ أَنَّهَا أَخْلَاطُ رُؤْيَا كَاذِبَةٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا. وَهِيَ جَمْعُ ضِغْثٍ، وَالضِّغْثُ: أَصْلُهُ الْحُزْمَةُ مِنَ الْحَشِيشِ، يُشَبِّهُ بِهَا الْأَحْلَامَ الْمُخْتَلَطَةً الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لَهَا. وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ حُلْمِ، وَهُوَ مَا لَمْ يُصَدَّقْ مِنَ الرُّؤْيَا، وَمِنَ الْأَضْغَاثِ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
[البحر الكامل]
خَوْدٌ كَأَنَّ فِرَاشَهَا وُضِعَتْ بِهِ ... أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شَمَالِ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر البسيط]
يَحْمِي ذِمَارَ جَنِينٍ قَلَّ مَانِعُهُ ... طَاو كَضِغْثِ الْخَلَا فِي الْبَطْنِ مُكْتَمِنُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:

الصفحة 178