كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)
قَالَ: ثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: " §كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: «وَفِيهِ تَعْصِرُونَ» بِالتَّاءِ، يَعْنِي تَحْتَلِبُونَ " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49] بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَصْرَ الْأَعْنَابِ وَالْأَدْهَانِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: (وَفِيهِ تَعْصِرُونَ) بِالتَّاءِ. وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: «وَفِيهِ يُعْصَرُونَ» بِمَعْنَى: يُمْطَرُونَ، وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِخِلَافِهَا مَا عَلَيْهِ مِنْ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لِقَارِئِهِ الْخِيَارَ فِي قِرَاءَتِهِ بِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِالْيَاءِ رَدًّا عَلَى الْخَبَرِ بِهِ عَنِ النَّاسِ، عَلَى مَعْنَى: {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49] أَعْنَابَهُمْ وَأَدْهَانَهُمْ. وَإِنْ شَاءَ بِالتَّاءِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} [يوسف: 48] وَخِطَابًا بِهِ لِمَنْ خَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا
الصفحة 196