كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يَعْقُوبُ لَهُمْ: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ مَعَكُمْ إِلَى الصَّحْرَاءِ، مَخَافَةَ عَلَيْهِ مِنَ الذِّئْبِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ لَا تَشْعُرُونَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ} [يوسف: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِوَالِدِهِمْ يَعْقُوبَ: لَئِنْ أَكَلَ يُوسُفَ الذِّئْبُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَنَحْنُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مَعَهُ نَحْفَظُهُ، وَهُمُ الْعُصْبَةُ؛ {إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ} [يوسف: 14] يَقُولُ: إِنَّا إِذًا لَعَجَزَةٌ هَالِكُونَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ حُذِفَ ذِكْرُهُ اكْتِفَاءً بِمَا ظَهَرَ عَمَّا تَرَكَ، وَهُوَ: فَأَرْسَلَهُ مَعَهُمْ، فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ، {وَأَجْمَعُوا} [يوسف: 15] يَقُولُ: وَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ وَعَزَمُوا عَلَى {أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ}
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: {§إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: 13] . الْآيَةَ، قَالَ: قَالَ: لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ، وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ. {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ} [يوسف: 14] فَأَرْسَلَهُ مَعَهُمْ، فَأَخْرَجُوهُ وَبِهِ عَلَيْهِمْ كَرَامَةٌ. فَلَمَّا بَرَزُوا بِهِ إِلَى الْبَرِيَّةِ أَظْهَرُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ، وَجَعَلَ أَخُوهُ يَضْرِبُهُ، -[30]- فَيَسْتَغِيثُ بِالْآخَرِ فَيَضْرِبُهُ، فَجَعَلَ لَا يَرَى مِنْهُمْ رَحِيمًا، فَضَرَبُوهُ حَتَّى كَادُوا يَقْتُلُونَهُ، فَجَعَلَ يَصِيحُ وَيَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ يَا يَعْقُوبُ، لَوْ تَعْلَمُ مَا صَنَعَ بِابْنِكِ بَنُو الْإِمَاءِ فَلَمَّا كَادُوا يَقْتُلُونَهُ قَالَ يَهُوذَا: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَوْثِقًا أَنْ لَا تَقْتُلُوهُ؟ فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى الْجُبِّ لِيَطْرَحُوهُ، فَجَعَلُوا يُدِلُّونَهُ فِي الْبِئْرِ، فَيَتَعَلَّقُ بِشَفِيرِ الْبِئْرِ، فَرَبَطُوا يَدَيْهِ وَنَزَعُوا قَمِيصَهُ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ رُدُّوا عَلَيَّ قَمِيصِي أَتَوَارَى بِهِ فِي الْجُبِّ فَقَالُوا: ادْعُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا تُؤْنِسُكَ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرْ شَيْئًا. فَدَلُّوهُ فِي الْبِئْرِ. حَتَّى إِذَا بَلَغَ نِصْفَهَا أَلْقَوْهُ إِرَادَةَ أَنْ يَمُوتَ، وَكَانَ فِي الْبِئْرِ مَاءٌ، فَسَقَطَ فِيهِ، ثُمَّ أَوَى إِلَى صَخْرَةٍ فِيهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا. قَالَ: فَلَمَّا أَلْقَوْهُ فِي الْبِئْرِ جَعَلَ يَبْكِي، فَنَادَوْهُ، فَظَنَّ أَنَّهَا رَحْمَةٌ أَدْرَكَتْهُمْ، فَلَبَّاهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يَرْضَخُوهُ بِصَخْرَةٍ فَيَقْتُلُوهُ، فَقَامَ يَهُوذَا فَمَنَعَهُمْ، وَقَالَ: قَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَوْثِقًا أَنْ لَا تَقْتُلُوهُ وَكَانَ يَهُوذَا يَأْتِيهِ بِالطَّعَامِ "

الصفحة 29