كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

وَيَا نَفْسُ اصْبِرِي، وَيَا بُنَيَّ لَا تَفْعَلْ، وَيَا بُنَيَّ لَا تَفْعَلْ، فَتُفْرِدُ وَتَرْفَعُ وَفِيهِ نِيَّةُ الْإِضَافَةِ، وَتُضِيفُ أَحْيَانًا فَتُكْسِرُ، كَمَا تَقُولُ: يَا غُلَامُ أَقْبِلْ، وَيَا غُلَامِي أَقْبِلْ. وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ إِلَيَّ قِرَاءَةُ مِنْ قَرَأَهُ بِإِرْسَالِ الْيَاءِ وَتَسْكِينِهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ اسْمَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَانَ مَعْرُوفًا فِيهِمْ كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ، فَذَلِكَ هِيَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ لَا شَكَّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ مِنَ التَّبْشِيرِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنْتُ. وَأَمَّا التَّشْدِيدُ وَالْإِضَافَةِ فِي الْيَاءِ فَقِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ لَا أَرَى الْقِرَاءَةَ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً مَعْرُوفَةً؛ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى خِلَافِهَا
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يوسف: 19] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَسَرَّهُ الْوَارِدُ الْمُسْتَقِي وَأَصْحَابُهُ مِنَ التُّجَّارِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ، وَقَالُوا لَهُمْ: هُوَ بُضَاعَةٌ اسْتَبْضَعْنَاهَا بَعْضَ أَهْلِ مِصْرَ؛ لِأَنَّهُمْ خَافُوا إِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمُ اشْتَرُوهُ بِمَا اشْتَرُوهُ بِهِ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُمْ فِيهِ الشَّرِكَةَ , ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {§وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يوسف: 19] قَالَ: صَاحِبُ الدَّلْوِ وَمَنْ مَعَهُ، قَالُوا لِأَصْحَابِهِمْ: إِنَّمَا اسْتَبْضَعْنَاهُ، خِيفَةً أَنْ يُشْرِكُوهُمْ فِيهِ إِنْ عَلِمُوا بِثَمَنِهِ، وَتَبِعَهُمْ إِخْوَتُهُ -[47]- يَقُولُونَ لِلْمُدَلِّي وَأَصْحَابِهِ: اسْتَوْثِقْ مِنْهُ لَا يَأْبِقُ حَتَّى وَقَفُّوهُ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مَنْ يَبْتَاعُنِي وَيُبْشِرُ؟ فَاشْتَرَاهُ الْمَلِكُ، وَالْمَلِكُ مُسْلِمٌ " حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: خِيفَةَ أَنْ يَسْتَشْرِكُوهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِهِ، وَاتَّبَعَهُمْ إِخْوَتُهُ يَقُولُونَ لِلْمُدَلِّي وَأَصْحَابِهِ: اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ لَا يَأْبِقُ حَتَّى أَوْقَفُوهُ بِمِصْرَ، وَسَائِرُ الْحَدِيثِ مِثْلُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «خِيفَةَ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِيهِ إِنْ عَمِلُوا بِثَمَنِهِ» حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " خِيفَةَ أَنْ يَسْتَشْرِكُوهُمْ فِيهِ إِنْ عَلِمُوا ثَمَنَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: حَتَّى أَوْقَفُوهُ بِمِصْرَ "

الصفحة 46