كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

§وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَمَا جَزَيْتُ يُوسُفَ فَآتَيْتُهُ بِطَاعَتِهِ إِيَّايَ الْحُكْمَ وَالْعِلْمَ، وَمَكَّنْتُهُ فِي الْأَرْضِ، وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِي إِخْوَتِهِ الَّذِينَ أَرَادُوا قَتَلَهُ، كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَحْسَنَ فِي عَمَلِهِ، فَأَطَاعَنِي فِي أَمْرِي وَانْتَهَى عَمَّا نَهَيْتُهُ عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيِّ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُ ظَاهِرِهِ عَلَى كُلِّ مُحْسِنٍ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَقُولُ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَمَا فَعَلْتُ هَذَا بِيُوسُفَ مِنْ بَعْدِ مَا لَقِيَ مِنْ إِخْوَتِهِ مَا لَقِيَ وَقَاسَى مِنَ الْبَلَاءِ مَا قَاسَى، فَمَكَّنْتُهُ فِي الْأَرْضِ، وَوَطَّأْتُ لَهُ فِي الْبِلَادِ، فَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِكَ فَأُنْجِيكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ الَّذِينَ يَقْصُدُونَكَ بِالْعَدَاوَةِ، وَأُمَكِّنُ لَكَ فِي الْأَرْضِ وَأُوتِيكَ الْحُكْمَ وَالْعِلْمَ، لِأَنَّ ذَلِكَ جَزَائِي أَهْلَ الْإِحْسَانِ فِي أَمْرِي وَنَهْيِي
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {§وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 22] يَقُولُ: الْمُهْتَدِينَ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَرَاوَدَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ وَهِيَ الَّتِي كَانَ يُوسُفُ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يُوَاقِعَهَا
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، " §وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ -[70]- رَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ: امْرَأَةُ الْعَزِيزِ "

الصفحة 69