كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {§يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] قَالَ: «أَرْضًا كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ {وَالسَّمَوَاتُ} كَذَلِكَ أَيْضًا»
§وَقَوْلُهُ: {وَبَرَزُوا للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48] يَقُولُ: وَظَهَرُوا للَّهِ الْمُنْفَرِدِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، الَّذِي يَقْهَرُ كُلَّ شَيْءٍ فَيَغْلِبُهُ وَيُصَرِّفُهُ لِمَا يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، فَيُحْيِي خَلْقَهُ إِذَا شَاءَ، وَيُمِيتُهُمْ إِذَا شَاءَ، لَا يَغْلِبْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَقْهَرْهُ شَيْءٌ، مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً لِمَوْقِفِ الْقِيَامَةِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ. 4 لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ، إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [إبراهيم: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَعَايَنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، فَاجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا الشِّرْكَ يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49] ، يَقُولُ: مُقَرَّنَةٌ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ إِلَى رِقَابِهِمْ بِالْأَصْفَادِ، وَهِيَ الْوَثَاقُ مِنْ غَلٍّ وَسِلْسِلَةٍ، وَاحِدُهَا: صَفَدٌ، يُقَالُ مِنْهُ: صَفَدْتُهُ فِي الصَّفَدِ صَفْدًا وَصِفَادًا، وَالصِّفَادُ: الْقَيْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
[البحر الوافر]
فآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا ... وَأُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
وَمَنْ جَعَلَ الْوَاحِدَ مِنْ ذَلِكَ صِفَادًا جَمْعُهُ: صُفُدًا لَا أَصْفَادًا وَأَمَّا مِنَ الْعَطَاءِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ مِنْهُ: أَصْفَدْتُهُ إِصْفَادًا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل]

الصفحة 740