كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 13)

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {§أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] قَالَ: يُرِيدُ يُوسُفُ سَيِّدَهُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ "
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 21] يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْبَقَاءَ، وَلَا يَنْجَحُ مَنْ ظَلَمَ فَفَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ، وَهَذَا الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ مِنَ الْفُجُورِ ظُلْمٌ وَخِيَانَةٌ لِسَيِّدِي الَّذِي ائْتَمَنَنِي عَلَى مَنْزِلِهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، " {§إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 21] قَالَ: هَذَا الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ ظُلْمٌ، وَلَا يُفْلِحُ مَنْ عَمِلَ بِهِ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] ذُكِرَ أَنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ لَمَّا هَمَّتْ بِيُوسُفَ، وَأَرَادَتْ مُرَاوَدَتَهُ، جَعَلَتْ تَذْكُرُ لَهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ، وَتُشَوِّقُهُ إِلَى نَفْسِهَا
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، " {§وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24] قَالَ: قَالَتْ لَهُ: يَا يُوسُفُ مَا أَحْسَنَ شَعْرَكَ قَالَ: هُوَ أَوَّلُ مَا يَنْتَثِرُ مِنْ جَسَدِي. قَالَتْ: يَا يُوسُفُ مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ قَالَ: هُوَ لِلْتُرَابِ يَأْكُلُهُ. فَلَمْ تَزَلْ حَتَّى أَطْمَعَتْهُ فَهَمَّتْ -[81]- بِهِ وَهَمَّ بِهَا. فَدَخَلَا الْبَيْتَ، وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ، وَذَهَبَ لِيَحِلَّ سَرَاوِيلَهُ، فَإِذَا هُوَ بِصُورَةِ يَعْقُوبَ قَائِمًا فِي الْبَيْتِ قَدْ عَضَّ عَلَى إِصْبَعِهِ يَقُولُ: يَا يُوسُفُ تُوَاقِعُهَا فَإِنَّمَا مِثْلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مِثْلُ الطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَا يُطَاقُ، وَمِثْلُكَ إِذَا وَاقَعْتَهَا مِثْلُهُ إِذَا مَاتَ وَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَمَثَلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مِثْلُ الثَّوْرِ الصَّعْبِ الَّذِي لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ، وَمَثَلُكَ إِنْ وَاقَعْتَهَا مِثْلُ الثَّوْرِ حِينَ يَمُوتُ فَيَدْخُلُ النَّمْلُ فِي أَصْلِ قَرْنَيْهِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ. فَرَبَطَ سَرَاوِيلَهُ، وَذَهَبَ لِيَخْرُجَ يَشْتَدُّ، فَأَدْرَكَتْهُ، فَأَخَذَتْ بِمُؤَخِّرِ قَمِيصِهِ مِنْ خَلْفِهِ، فَخَرَقَتْهُ حَتَّى أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ، وَسَقَطَ، وَطَرَحَهُ يُوسُفُ، وَاشْتَدَّ نَحْوَ الْبَابِ "

الصفحة 80