كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)

فَفَرَّقُوهُ، بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ احْتَمَلَ قَوْلَهُ «عِضِينَ» ، أَنْ يَكُونَ جَمْعُ: عِضَةٍ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جَمْعُ عُضْو، لِأَنَّ مَعْنَى التَّعْضِيَةِ: التَّفْرِيقُ، كَمَا تُعْضِي الْجَزُورُ وَالشَّاةُ، فَتُفَرَّقُ أَعْضَاءَ، وَالْعَضْهُ: الْبَهْتُ وَرَمْيُهُ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ، فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 93] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَوَرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ لَنَسْأَلَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ فِي الدُّنْيَا عِضِينَ فِي الْآخِرَةِ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا فِيمَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ، وَفِيمَا بَعَثْنَاكَ بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ آيِ كِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْهِمْ، وَفِيمَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَمِنْ تَوْحِيدِي، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، عَنْ بَشِيرٍ، عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] قَالَ: «عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»

الصفحة 139