كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)

تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشَقِّ قُوَى أَنْفُسِكُمْ وَذَهَابِ شِقِّهَا الْآخَرَ وَيُحْكَى عَنِ الْعَرَبِ: خُذْ هَذَا الشِّقَّ: لِشِقَّةِ الشَّاةَ بِالْكَسْرِ، فَأَمَّا فِي شَقَّتْ عَلَيْكَ شَقًّا فَلَمْ يُحْكَ فِيهِ إِلَّا النَّصَبُ
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ذُو رَأْفَةٍ بِكُمْ وَرَحْمَةٍ، مِنْ رَحْمَتِهِ بِكُمْ، خَلَقَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِمَنَافِعِكُمْ وَمَصَالِحِكُمْ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَدِلَّةً لَكُمْ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ رَبِّكُمْ وَمَعْرِفَةِ إِلَهِكُمْ، لِتَشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ، فَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَخَلَقَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لَكُمْ أَيْضًا {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] يَقُولُ: وَجَعَلَهَا لَكُمْ زِينَةً تَتَزَيَّنُونَ بِهَا مَعَ الْمَنَافِعِ الَّتِي فِيهَا لَكُمْ، لِلرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَصَبَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ عَطَفًا عَلَى الْهَاءِ وَالْأَلِفِ فِي قَوْلِهِ: {خَلَقَهَا} [النحل: 5] وَنَصَبَ الزِّينَةَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ عَلَى مَا بَيَّنْتُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَاوٌ وَكَانَ الْكَلَامُ: «لِتَرْكَبُوهَا زِينَةً» كَانَتْ مَنْصُوبَةً بِالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا الَّذِي هِيَ بِهِ مُتَّصِلَةٌ، وَلَكِنْ دُخُولِ الْوَاوِ آذَنَتْ بِأَنَّ مَعَهَا ضَمِيرَ فِعْلٍ وَبِانْقِطَاعِهَا عَنِ الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا. -[173]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 172