كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)

وَكَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ بَعْضُهُمْ، وَيَقُولُ: إِذَا كَانَتْ «إِلَّا» بِمَعْنَى «لَكِنْ» عَمِلَتْ عَمَلَ «لَكِنْ» ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ» ، وَيَقُولُ: لَوِ احْتَاجَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ» احْتَاجَ قَوْلُ الْقَائِلِ: قَامَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو إِلَى إِضْمَارِ «أَذْكُرُ» . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §تَصْعَدُ الشَّيَاطِينُ أَفْوَاجًا تَسْتَرِقُ السَّمْعَ، قَالَ: فَيَنْفَرِدُ الْمَارِدُ مِنْهَا فَيَعْلُو، فَيُرْمَى بِالشِّهَابِ فَيُصِيبُ جَبْهَتَهُ أَوْ جَنْبَهُ أَوْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُ فَيَلْتَهِبُ، فَيَأْتِي أَصْحَابَهُ وَهُوَ يَلْتَهِبُ، فَيَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَيَذْهَبُ أُولَئِكَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكَهَنَةِ، فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ مِنَ الْكَذِبِ، فَيُخْبِرُونَهُمْ بِهِ، فَإِذَا رَأَوْا شَيْئًا مِمَّا قَالُوا قَدْ كَانَ صَدَّقُوهُمْ بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنَ الْكَذِبِ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} [الحجر: 18] قَالَ: " أَرَادَ أَنْ يَخْطَفَ السَّمْعَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10] "

الصفحة 32