كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)
عَبَّاسٍ، يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ، فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: هِيَ هَذِهِ §الشَّجَرَةُ الَّتِي تُلْوَى عَلَى الشَّجَرَةِ، وَتُجْعَلُ فِي الْمَاءِ، يَعْنِي الْكَشُوثِي وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهَا شَجَرَةَ الزَّقُّومِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ. وَنُصِبَتِ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ عَطْفَا بِهَا عَلَى الرُّؤْيَا. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسٍ، فَكَانَتْ فِتْنَتُهُمْ فِي الرُّؤْيَا مَا ذَكَرْتُ مِنَ ارْتِدَادِ مَنِ ارْتَدَّ، وَتَمَادِي أَهْلِ الشِّرْكِ فِي شِرْكِهِمْ، حِينَ أَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ فِي مَسِيرِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ. وَكَانَتْ فِتْنَتُهُمْ فِي الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ وَالْمُشْرِكِينَ مَعَهُ: يُخْبِرُنَا مُحَمَّدٌ أَنَّ فِيَ النَّارِ شَجَرَةً نَابِتَةً، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ فَكَيْفَ تَنْبُتُ فِيهَا؟
§وَقَوْلُهُ: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60] يَقُولُ: وَنُخَوِّفُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِمَا نَتَوَعَّدُهُمْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَالنَّكَالِ، فَمَا يَزِيدُهُمْ تَخْوِيفُنَا إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا، يَقُولُ: إِلَّا تَمَادِيًا وَغِيًّا كَبِيرًا فِي كُفْرِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا خُوِّفُوا بِالنَّارِ الَّتِي طَعَامُهُمْ فِيهَا الزَّقُّومُ دُعُوا بِالتَّمْرِ وَالزُّبْدِ، وَقَالُوا: تَزَقَّمُوا مِنْ هَذَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 652