كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 31] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الْبَشَرَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ بَعْدَ أَنْ سَوَّاهُ، سَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا إِلَّا إِبْلِيسَ فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ فِي سُجُودِهِمْ لِآدَمَ حِينَ سَجَدُوا، فَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ مَعَهُمْ تَكَبُّرًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 32] يَقُولُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ؟ فَ «أَنْ» فِي قَوْلِ بَعْضِ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ خَفْضٌ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ نَصْبٌ بِفَقْدِ الْخَافِضِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ -[67]- الدِّينِ} [الحجر: 34] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {قَالَ} [البقرة: 30] إِبْلِيسُ: {لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 33] وَهُوَ مِنْ طِينٍ وَأَنَا مِنْ نَارٍ، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الطِّينَ. وَقَوْلُهُ: {فَاخْرُجْ مِنْهَا} [الحجر: 34] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِإِبْلِيسَ: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [الحجر: 34] وَالرَّجِيمُ الْمَرْجُومُ، صُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ وَهُوَ الْمَشْتُومُ، كَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
الصفحة 66