كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا نَالَتْكُمُ الشِّدَّةُ وَالْجَهْدُ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ: يَقُولُ فَقَدْتُمْ مَنْ تَدْعُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَجَارَ عَنْ طَرِيقِكُمْ فَلَمْ يُغِثْكُمْ، وَلَمْ تَجِدُوا غَيْرَ اللَّهِ مُغِيثًا يُغِيثُكُمْ دَعَوْتُمُوهُ، فَلَمَّا دَعَوْتُمُوهُ وَأَغَاثَكُمْ، وَأَجَابَ دُعَاءَكُمْ وَنَجَّاكُمْ مِنْ هَوْلِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ فِي الْبَحْرِ أَعْرَضْتُمْ عَمَّا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ رَبُّكُمْ مِنْ خَلْعِ الْأَنْدَادِ وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْآلِهَةِ، وَإِفْرَادِهِ بِالْأُلُوهَةِ كُفْرًا مِنْكُمْ بِنِعْمَتِهِ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67] يَقُولُ: وَكَانَ الْإِنْسَانُ إِذًا جَحَدَ لِنِعَمِ رَبِّهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبِرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا} [الإسراء: 68] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أَفَأَمِنْتُمْ} [الإسراء: 68] أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ رَبِّكُمْ، وَقَدْ كَفَرْتُمْ نِعْمَتَهُ بِتَنْجِيَتِهِ إِيَّاكُمْ مِنْ هَوْلِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ فِي الْبَحْرِ، وَعَظِيمِ مَا كُنْتُمْ قَدْ أَشْرَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْهَلَاكِ، فَلَمَّا نَجَّاكُمْ وَصِرْتُمْ إِلَى الْبَرِّ كَفَرْتُمْ، وَأَشْرَكْتُمْ فِي عِبَادَتِهِ غَيْرَهُ {أَنْ -[669]- يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} [الإسراء: 68] يَعْنِي نَاحِيَةَ الْبَرِّ {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الإسراء: 68] يَقُولُ: أَوْ يُمْطِرَكُمْ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ تَقْتُلُكُمْ، كَمَا فَعَلَ بِقَوْمِ لُوطٍ {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا} [الإسراء: 68] يَقُولُ: ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ مَا يَقُومُ بِالْمُدَافَعَةِ عَنْكُمْ مِنْ عَذَابِهِ وَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 668