كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 14)

فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ فَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّتَهُ لَوْ كَانُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا مُسْلِمِينَ كَمَا:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ: " §إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، وَمَعَهُمْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، قَالَ الْكُفَّارُ لِمَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ: أَلَسْتُمْ مُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالُوا: فَمَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ، وَقَدْ صِرْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ قَالُوا: كَانَتْ لَنَا ذُنُوبٌ فَأُخِذْنَا بِهَا، فَسَمِعَ اللَّهُ مَا قَالُوا، فَأَمَرَ بِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي النَّارِ فَأُخْرِجُوا، فَقَالَ مَنْ فِي النَّارِ مِنَ الْكُفَّارِ: يَا لَيْتَنَا كُنَّا مُسْلِمِينَ " ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ الْقُطَعِيُّ، وَرَوْحٌ الْقَيْسِيُّ، وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي قَطَنٍ قَالُوا: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَرْوَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَتَأَوَّلَانِ هَذِهِ الْآيَةِ: {§رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] قَالَا: «ذَلِكَ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ أَهْلَ الْخَطَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ» وَقَالَ عَفَّانُ: حِينَ يُحْبَسُ أَهْلُ الْخَطَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ زَادَ أَبُو قَطَنٍ: قَدْ جُمِعْنَا وَإِيَّاكُمْ، وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ، -[9]- وَعَفَّانُ: فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَقُلْهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالُوا جَمِيعًا: فَيُخْرِجُهُمُ اللَّهُ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] "

الصفحة 8