كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

§وَقَوْلُهُ: {فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101] يَقُولُ: فَقَالَ لِمُوسَى فِرْعَوْنُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى تَتَعَاطَى عِلْمَ السِّحْرِ، فَهَذِهِ الْعَجَائِبُ الَّتِي تَفْعَلُهَا مِنْ سِحْرِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى سَاحِرًا، فَوُضِعَ مَفْعُولٌ مَوْضِعَ فَاعِلٍ، كَمَا قِيلَ: إِنَّكَ مَشْئُومٌ عَلَيْنَا وَمَيْمُونٌ، وَإِنَّمَا هُوَ شَائِمٌ وَيَامِنٌ. وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حِجَابًا مَسْتُورًا، بِمَعْنَى: حِجَابًا سَاتِرًا، وَالْعَرَبُ قَدْ تُخْرِجُ فَاعِلًا بِلَفْظِ مَفْعُولٍ كَثِيرًا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا} اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {لَقَدْ عَلِمْتَ} [هود: 79] فَقَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ذَلِكَ {لَقَدْ عَلِمْتَ} [هود: 79] بِفَتْحِ التَّاءِ، عَلَى وَجْهِ الْخَطَّابِ مِنْ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ. وَرُوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُ قَرَأَ: «لَقَدْ عَلِمْتُ» بِضَمِّ التَّاءِ، عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنْ مُوسَى عَنْ نَفْسِهِ. وَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101] إِنِّي لَأَظُنُّكَ قَدْ سُحِرْتَ، فَتَرَى أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِصَوَابٍ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ. وَهَذَا وَجْهٌ مِنَ التَّأْوِيلِ. غَيْرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ خِلَافُهَا، وَغَيْرُ

الصفحة 106