كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
مَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَمْثَالِهِ أَحَدٌ سِوَاهُ. {بَصَائِرَ} [الأنعام: 104] يَعْنِي بِالْبَصَائِرِ: الْآيَاتِ، أَنَّهُنَّ بَصَائِرُ لِمَنْ اسْتَبْصَرَ بِهِنَّ، وَهُدًى لِمَنِ اهْتَدَى بِهِنَّ، يَعْرِفُ بِهِنَّ مَنْ رَآهُنَّ أَنَّ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَمُحِقٌّ، وَأَنَّهُنَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، إِذْ كُنَّ مُعْجِزَاتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِنَّ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ سِوَى رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ جَمْعُ بَصِيرَةٍ
§وَقَوْلُهُ: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلْعُونًا مَمْنُوعًا مِنَ الْخَيْرِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا ثَبَرَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: أَيْ مَا مَنَعَكَ مِنْهُ، وَمَا صَدَّكَ عَنْهُ؟ وَثَبَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ يَثْبُرُهُ وَيُثْبِرُهُ لُغَتَانٍ، وَرَجُلٌ مَثْبُورٌ: مَحْبُوسٌ عَنِ الْخَيْرَاتِ هَالِكٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الخفيف]
إِذْ أُجَارِي الشَّيْطَانَ فِي سَنَنِ الْغَيِّ ... وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] قَالَ: مَلْعُونًا -[109]- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
الصفحة 108